أذواق الناس في التفضيل بين القراء
صفحة 1 من اصل 1
أذواق الناس في التفضيل بين القراء
[quote]
يختلف الناس كثيراً في تفاصيل متعددة من شؤون حياتهم نظرياً وعملياً، وهذا الاختلاف أمر لابد منه، ولا مناص من وقوعه، وما دام الاختلاف مستنداً إلى دليل صحيح، معضداً بعقل رجيح = فهو أمر سائغ، لا تثريب على صاحبه، و لا ملامة على منتحله.
ألا وإن من الخلاف الواقع، الذي ليس له دافع = ما يتعلق بذوق الناس في الإعجاب بقرأة القرآن، وحملة الفرقان، سواء أكانوا من الشيوخ الكمل، أو من دونهم من الذين لم يبلغوا شأوهم، ولم يتسنموا مراتبهم.
وأود في هذه الأكتوبة أن أشير إلى مهمات تتعلق بهذه المسألة:
أولها: أن الحكم على القارئ بجودة قراءته يستند إلى قانونين:
الأول: قانون التجويد بتفصيلاته المعروفة في كتب الفن.
الثاني: قانون النغم، وهو المسمى: "المقامات".
فكلما زادت معرفة القارئ بهذين القانونين = أتى بالقراءة على وجهها، بريئة من اللحن والغلط الإخلال، فإن رزق صوتا حسناً أخذ بمجامع القلوب، واستولى على كمائن النفوس، وحلّق بالأرواح في عالم آخر!
وأجدني هنا مفتقراً إلى تحرير الحافظ ابن حجر العسقلاني –رحمه الله- دفعاً لسهام النقد المتوقعة، فتدبر ما رقمه أمير المؤمنين في الحديث –أنعم الله بك عينا-.
قال في فتح الباري (9/91): "والذي يتحصّل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسنا فليحسنه ما استطاع، كما قال ابن أبي مُليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح.
ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم، فإن الحسن الصوت يزداد حسناً بذلك، وإن خرج عنها أثّر ذلك في حسنه، وغير الحسن ربما انجبر بمراعاتها، ما لم يخرج عن الشرط المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يفِ تحسين الصوت بقبح الأداء، ولعلّ هذا مستند من منع القراءة بالأنغام؛ لأن الغالب على من راعى الأنغام أن لا يراعي الأداء، فإن وُجد من يراعيهما معاً فلا شك في أنه أرجح من غيره؛ لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت، ويجتنب الممنوع من حرمة الأداء، والله أعلم" انتهى بحروفه.
ثانيها: أن الإنسان قد يعجب بقراءة قارئ، مع إخلاله بشيء قليل أو كثير من القانونين المذكورين، وذلك لكونه يتأثر بقراءته، ويجد لها لذة لا يعرف لها تفسيراً، وهذا أمر أجده من نفسي وأعرفه عن كثير من الأحبة من أهل المعرفة والنظر.
وممن يعجبني على هذه الطريقة القارئ مصطفى اللاهوني.
ثالثاً: أن القارئ تعتريه أحوال توجب تفاوت قراءته جودة ورداءة، ومن الأمور المؤثرة في ذلك هذه:
1. القراءة في الصلاة، إذ لها خصوصية وأحوال لا يقاس عليها إطلاقاً، ولذلك اعتاد كثير من القراءة المتقنين التسامح فيما يقرأ في الصلاة في أمور لا يتسامحون فيها في مجلس الدرس، ويشبه أن يكون هذا التسامح إجماعاً سكوتيا
2. صفاء الذهن من المكدرات له أثر قوي في جودة القراءة.
3. اعتدال المزاج، ولا شيء أفسد له من نومة العصر!
4. المكان الذي يُقرأ فيه يؤثر على نفسية صاحبه، إيجاباً أو سلباً.
5. خشوع القارئ وتفكره فيما يقرأ.
6. معرفة القارئ معاني الآيات.
7. توجه القلب بلا إخلال إلى حضرة ذي الجلال.
رابعا: معلوم أن للقراءة مراتب، ومرتبة القراءة التي يختارها القارئ مؤثرة، والذي يؤثر أكثر مرتبة التحقيق والتدوير، وأما الحدر فدونهما كثيراً، لقلة من يتقنه، ومن القليل الشيخ إبراهيم الأخضر، تجد ذلك فيما سُجل له من صلاة التراويح.
خامساً: من الهبات الربانية التي يمنحها ربنا من يشاء من عباده = سلاسة القراءة، تسمع قارئاً تشعر أنه ينحت الحروف من ظهر جبل وعر، ويطربك آخر حتى لكأنك ترى الدر ينظم في سلك ناعم بتناسق متقن، وتتابع مبهر!
واسمع إن شئتَ القراء محمد أيوب أو خليفة الطنيجي أو مشاري العفاسي.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن أهلك وخاصتك، وأذقنا حلاوة فهم كتابك، وارزقنا العمل بمحكمه والإيمان بمتشابهه، وتلاوته حق تلاوته.
والله الموفق.
يختلف الناس كثيراً في تفاصيل متعددة من شؤون حياتهم نظرياً وعملياً، وهذا الاختلاف أمر لابد منه، ولا مناص من وقوعه، وما دام الاختلاف مستنداً إلى دليل صحيح، معضداً بعقل رجيح = فهو أمر سائغ، لا تثريب على صاحبه، و لا ملامة على منتحله.
ألا وإن من الخلاف الواقع، الذي ليس له دافع = ما يتعلق بذوق الناس في الإعجاب بقرأة القرآن، وحملة الفرقان، سواء أكانوا من الشيوخ الكمل، أو من دونهم من الذين لم يبلغوا شأوهم، ولم يتسنموا مراتبهم.
وأود في هذه الأكتوبة أن أشير إلى مهمات تتعلق بهذه المسألة:
أولها: أن الحكم على القارئ بجودة قراءته يستند إلى قانونين:
الأول: قانون التجويد بتفصيلاته المعروفة في كتب الفن.
الثاني: قانون النغم، وهو المسمى: "المقامات".
فكلما زادت معرفة القارئ بهذين القانونين = أتى بالقراءة على وجهها، بريئة من اللحن والغلط الإخلال، فإن رزق صوتا حسناً أخذ بمجامع القلوب، واستولى على كمائن النفوس، وحلّق بالأرواح في عالم آخر!
وأجدني هنا مفتقراً إلى تحرير الحافظ ابن حجر العسقلاني –رحمه الله- دفعاً لسهام النقد المتوقعة، فتدبر ما رقمه أمير المؤمنين في الحديث –أنعم الله بك عينا-.
قال في فتح الباري (9/91): "والذي يتحصّل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسنا فليحسنه ما استطاع، كما قال ابن أبي مُليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح.
ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم، فإن الحسن الصوت يزداد حسناً بذلك، وإن خرج عنها أثّر ذلك في حسنه، وغير الحسن ربما انجبر بمراعاتها، ما لم يخرج عن الشرط المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يفِ تحسين الصوت بقبح الأداء، ولعلّ هذا مستند من منع القراءة بالأنغام؛ لأن الغالب على من راعى الأنغام أن لا يراعي الأداء، فإن وُجد من يراعيهما معاً فلا شك في أنه أرجح من غيره؛ لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت، ويجتنب الممنوع من حرمة الأداء، والله أعلم" انتهى بحروفه.
ثانيها: أن الإنسان قد يعجب بقراءة قارئ، مع إخلاله بشيء قليل أو كثير من القانونين المذكورين، وذلك لكونه يتأثر بقراءته، ويجد لها لذة لا يعرف لها تفسيراً، وهذا أمر أجده من نفسي وأعرفه عن كثير من الأحبة من أهل المعرفة والنظر.
وممن يعجبني على هذه الطريقة القارئ مصطفى اللاهوني.
ثالثاً: أن القارئ تعتريه أحوال توجب تفاوت قراءته جودة ورداءة، ومن الأمور المؤثرة في ذلك هذه:
1. القراءة في الصلاة، إذ لها خصوصية وأحوال لا يقاس عليها إطلاقاً، ولذلك اعتاد كثير من القراءة المتقنين التسامح فيما يقرأ في الصلاة في أمور لا يتسامحون فيها في مجلس الدرس، ويشبه أن يكون هذا التسامح إجماعاً سكوتيا
2. صفاء الذهن من المكدرات له أثر قوي في جودة القراءة.
3. اعتدال المزاج، ولا شيء أفسد له من نومة العصر!
4. المكان الذي يُقرأ فيه يؤثر على نفسية صاحبه، إيجاباً أو سلباً.
5. خشوع القارئ وتفكره فيما يقرأ.
6. معرفة القارئ معاني الآيات.
7. توجه القلب بلا إخلال إلى حضرة ذي الجلال.
رابعا: معلوم أن للقراءة مراتب، ومرتبة القراءة التي يختارها القارئ مؤثرة، والذي يؤثر أكثر مرتبة التحقيق والتدوير، وأما الحدر فدونهما كثيراً، لقلة من يتقنه، ومن القليل الشيخ إبراهيم الأخضر، تجد ذلك فيما سُجل له من صلاة التراويح.
خامساً: من الهبات الربانية التي يمنحها ربنا من يشاء من عباده = سلاسة القراءة، تسمع قارئاً تشعر أنه ينحت الحروف من ظهر جبل وعر، ويطربك آخر حتى لكأنك ترى الدر ينظم في سلك ناعم بتناسق متقن، وتتابع مبهر!
واسمع إن شئتَ القراء محمد أيوب أو خليفة الطنيجي أو مشاري العفاسي.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن أهلك وخاصتك، وأذقنا حلاوة فهم كتابك، وارزقنا العمل بمحكمه والإيمان بمتشابهه، وتلاوته حق تلاوته.
والله الموفق.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى